لنفهم البن والقهوة، نأخذكم في هذا المقال في جولة قصيرة في تاريخ القهوة وأنواعها وأصنافها.
نبذة تاريخية:
من الصعب حسم الأصل التاريخي لحبوب البن، إلا أن معظم الكتب تؤكد اكتشاف قهوة الارابيكا في الحبشة (اثيوبيا الحالية تقريباً) عام 850 م، ثم انتقلت بعض البذور من اثيوبيا لليمن وتمت زراعتها في وقت ما قرابة نهاية القرن الرابع عشر. ولكن البعض الآخر يرى أنها موجودة طبيعياً في الحبشة واليمن منذ قرون قبل ذلك، ويوجد وثائق تشير إلى بدء زراعة القهوة في اليمن سنة 585 م.
كان أول ذكر مسجل تاريخيّاً للقهوة أو البن للطبيب العربي أبي بكر الرازي حسب المراجع الأجنبية، وهو من أهل القرن التاسع الميلادي، وقد ذكر أنها معروفة للعرب من 10 قرون. ونجد في المراجع العربية من أدبيات وقصائد قديمة ذكراً لمصطلح القهوة مع الخلاف على معناه، ومع أن القهوة كنبات كانت معروفة في اثيوبيا إلا أن مشروب القهوة معروف عند العرب منذ أمد بعيد، وقد انتشر منهم إلى الفرس والترك. امتدت زراعة القهوة بعد ذلك في العديد من الدول مثل الهند وسيريلانكا واندونيسيا.
في بداية القرن السابع عشر وصلت زراعة القهوة لأوروبا ثم امريكا عام 1912. ويعتقد بعض الباحثين أن كل هذا التاريخ هو للارابيكا في حين يعد تاريخ الروبوستا حديثاً نسبيا، فأول زراعة وحصاد للروبوستا كان عام 1870 م في الكونغو. ولكن البعض الآخر يعتقد أن الروبوستا هي الأصل البري لنبات القهوة الارابيكا المعروف حاليا، مع أن هذا الرأي بعيد نوعا ما عن الصواب بالدلائل البيولوجية.
الأنواع والأصناف:
يصنف المجمع الملكي لعلم النبات 129 نوعا من القهوة، أهمها:
- كافيه ارابيكا (Caffea Arabica) وهي صاحبة الكروموسومات الأعقد، مما يجعلها متعددة الأصناف ويتيح المجال لعدد كبير من الخصائص.
- كافيه كانيفورا (Caffea Canephora) أو كما هي مشهورة بالـ(Robusta)
- كافيه ليبيريكا (Caffea Liberica) وقد اكتشفت في ماليزيا وانتقلت إلى اليابان، وتتميز بحبتها الطويلة الرفيعة التي تشبه بذور دوار الشمس، ولونها أصفر في خامها وليس أخضرا.
- كافيه كونجينسيس (Caffea Congensis)
- كافيه ايوجينيويديس (Caffea Eugenioides)
- كافيه رازيموسا (Coffea Racemosa)
- كافيه ستينوفيلا (Coffea Stenophylla)
ويعني تقسيم القهوة إلى أنواع أن لكل نوع عائلة جينية، ولذلك هو يزرع في جزء مختلف من الأرض الزراعية.
تحتل الأرابيكا 60-70% من السوق العالمية، والروبوستا 30-40%، أما الليبيريكا فهي تشكل 2% من السوق، وباقي الأنواع مجتمعة لا تتعدى الـ 1%.
الصفات الجينية وتأثيرها علي جودة القهوة:
تتأثر جودة القهوة بمجموعة العوامل الجينية والفسيولوجية للنبات، كما تتأثر بممارسات الزراعة والحصاد. أما العوامل الجينية، فهي مهمة جداً في تحديد نوع القهوة حجماً وتركيباً، حيث أثبتت الدراسات مدى تأثير التركيب البيوكيميائي على الجودة.
تعد الأرابيكا والروبوستا الأكثر انتشاراً تجارياً في العالم، ولكن بعض الأنواع الأخرى أفضل في الجودة مثل الليبريكاو رازيموسا وال ستينوفيلا. هذه الأنواع أيضا أكثر ملائمة لصحة الانسان لاحتوائها على مركبات كيميائية عالية الجودة مثل الكافيين والترايجونيللين والسكروز. وبذلك نفهم أن العوامل الأكبر تأثيراً علي جودة القهوة هي العوامل الوراثية خصوصا الجينات المسؤلة عن حجم الحبوب وخصائصها الكيميائية والتي بدورها تؤثر في الرائحة والقوام والنكهة والحموضة.
القهوة الأرابيكا (C.Arabica Coffee)
الأصناف التقليدية منها مثل التيبيكا (Typica) والبوربون (Bourbon) ذات أصول يمنية، وبعض أنواعها حدث لها طفرة وراثية مثل الكاتورا (Caturra) وكانت تمثل الأكثر إنتاجا وجودة.
توجد أصناف أخرى مثل لورينا (Laurina) وموكا (Moka) والجبل الأزرق (Blue Mountain) لاقت استحساناً كبيراً في الأسواق العالمية، أمّا الأصناف ذات الأصول الأثيوبية والسودانية مثل جيشا (Geisha) وروم سودان فهي أصناف مستحسنة أكثر في الأسواق الصغيرة المختصة.
في بداية الثمانينيات ظهر مرض في أشجار القهوة الأرابيكا يسمى مرض غبار ورق القهوة (Coffee Leaf Rust- CRL) بسبب فطر يسميHemileia فظهرت الحاجة إلى تحسين خواص مقاومة شجرة القهوة الأرابيكا للمرض عن طريق دمج جيناتها بجينات القهوة الروبوستا في نوع هجين طبيعي جديد يسمى تيمور (Timor Hybrid) مع خصائص جينية غالبة للأرابيكا، كما ظهرت أنواع هجينة أخرى مثل كاتيمورز (Catimors) وسارشيمورز (Sarchimors) حيث تجمع خصائصها الجديدة بين الإنتاج الغزير والصلابة والقدرة علي مقاومة الأمراض.
على الرغم من تحسين خواص الإنتاج، إلا أن خصائص جودة الطعم كان عليها ملاحظات مثل قهوة كوستاريكا 95، لذلك تمت بعض عمليات التهجين لتحسين جودة الطعم كما في القهوة الكولومبية كاستللو (Castillo) والقهوة الكينية رويرول (Ruirull).
قهوة الروبوستا (C. Canephora)
بدأت زراعتها وحصادها في القرن 19 حين ظهر مرض CLR في أنواع الأرابيكا في آسيا. وبدأ الاهتمام بالروبوستا في جافا – اندونيسيا عام 1901 نظرا لقدرتها على مقاومة هذا المرض، وفي نفس الوقت كانت التجارب الزراعية تنجح على أنواع الروبوستا في افريقيا في ساحل العاج وغينيا وتوجو ووأوغندا علي أنواع مثل Kouillou و Maclaudi .
وبالمقارنة بين الروبوستا والليبيريكا فقد زرعت الأخيرة بكميات أقل نظراً لتأثرها بالفطريات رغم جودتها الأعلى. وقد استحدثت في الستينيات أنواع هجينة جديدة من الروبوستا في أوغندا والكونغو وساحل العاج لرفع القدرة الإنتاجية وتحسين العمليات التجارية، وقد نجحت بشكل كبير في زيادة القدرة الإنتاجية بنسبة 30- 110 % وكذلك في زيادة حجم الحبة إلى 50 %، كما نجح هذا أيضا بشكل كبير في البرازيل علي نوع الروبوستا Canilon.